دواعي امنيه مشددة الجزء الأول بقلم منال سالم
سعيدة وهي تقول
اتفضل يا حبيبي حبة أكل يستاهل بؤك
تناول منها الحقيبة السمراء وسألها بإهتمام
طابخة ايه يا أمي
أجابته بنبرة أمومية وهي تشير بكف يدها
ورق عنب وكرنب من اللي قلبك بيحبه وشويتلك الفراخ في الفرن وعملتلك كمان رز بالخلطة !
تحمس مسعد كثيرا وهو يرد بإشتهاء
الله ! الله ! أنا رأيي خطاك !
يا رب ادعيلي لأحسن أنا محتاج كل الدعاء الأيام دي أوي
ردت عليه بإبتسامة صافية
بأدعيلك وربي اللي عالم
ماشي يا أمي أشوفك على خير
مع السلامة يا مسعد ! ربنا يوفقك يا بني ويكرمك !
اتجه مسعد إلى الباب وأخذ نفسا عميقا وزفره على عجالة وهو يدير المقبض ليخرج وهو يمني نفسه بأنه الأجدر لتلك المهمة القادمة
على متن الطائرة
نهضت سابين من على مقعدها وسحبت تلك الحقيبة اليدوية من الدرج العلوي ثم سارت ناحية المرحاض الخلفي
ولجت داخله وأوصدت الباب خلفها ثم تفقدت الوثائق الأخرى التي كانت معها
احتفظت هي بملحوظات صغيرة عن طبيعة مهمتها في القاهرة
كانت مدركة أنها مقبلة على شيء هام خاصة وأنها ستتعامل مع نوعية معينة من الرجال الأشداء وعليها أن تكون مقنعة حتى تنطلي عليهم الخدعة
في المقهى الحديث
ولج مسعد إلى داخل المقهى وبحث بعينيه سريعا عن والده ولكن سد عليه الطريق النادل الذي هتف بحماس
مسعد باشا ! أهلا وسهلا بسيادتك
رد عليه مسعد بإقتضاب
شكرا يا سيدي !
ثم أدار رأسه للجانب وسأله بجدية
استدار النادل برأسه للخلف وأشار بيده وهو يجيبه بإبتسامة سخيفة
هناك في الركن المميز بتاعه
رد عليه مسعد بإيجاز
ماشي
أضاف النادل قائلا
أجيب لسيادتك الأورد ولا آآ
قاطعه مسعد قائلا وهو يتحرك في اتجاه والده
لا مش عاوز حاجة أنا ماشي على طول
أومأ النادل برأسه وتابع قائلا
وبالفعل وجد مسعد والده في مكانه المعتاد يلعب الطاولة مع أصدقائه المسنين
أخذ نفسا عميقا وانتصب بكتفيه ثم وقف قبالته وأدى له التحية العسكرية وهو يقول بنبرة رسمية
تمام يا فندم !
التوى ثغر أبيه بإبتسامة سعيدة وهو يهتف له بحماس
استرح يا سيادة الرائد !
مساء الخير عليكم
رد عليه أحدهم متسائلا بإهتمام
ازيك يا مسعد
أجابه قائلا بإبتسامة ودودة
الحمدلله
أضاف أخر قائلا بتبرم
سيادة اللوا مش راحمنا في الطاولة
ورد عليه شخص ثالث بمزاح
ده خبير دولي
وأضاف الشخص الأول قائلا
خصم مش سهل
رد عليهم محمد قائلا بزهو وتفاخر
دي حاجة بسيطة وبعدين أهي حاجة أشغل بيها وقتي بعد ما طلعت على المعاش !
شعر مسعد بالضجر من ذلك الحديث الممل فنفخ بحذر ثم تنحنح بخشونة واستطرد قائلا بصوت خفيض وهو يشير بكفه
بابا أنا كنت جاي آآ
قاطعه أبيه بصرامة
استنى شوية
أصر مسعد قائلا
يا بابا مافيش وقت ده آآآ
قاطعه والده مجددا ولكن ليوجه حديثه إلى رفاقه وهو يقول
عارفين يا جماعة مسعد ده بيفكرني بأخويا الكبير الله يرحمه
لوى مسعد ثغره بضيق واضح على تعابير وجهه وهمس بإمتعاض
آآخ ايوه هنبدأ التسييح وسرد الملحمة التاريخية !
تابع محمد قائلا بتباهي
أنا زي ما قولتلكم قبل كده اني سميته مسعد على اسم أخويا الشهيد بطل من أبطال حرب أكتوبر ده لولاه آآ
قاطعه مسعد قائلا بحنق
كنا خسرنا سينا وضاعت كل حاجة ومخدناش اليوم أجازة عارف والله يا سيادة اللوا كمل الحكاية دي بعدين أنا هاسلم وآآ
رمقه والده بنظرات حادة وقاطعه بنبرة جادة
يا بني اصبر خليني أكمل
رد عليه مسعد بنفاذ صبر
الطيارة مش هاتستنى
انعقد ما بين حاجبي أبيه وسأله بإهتمام غريب
طيارة !
سعل بخفوت ثم رد عليه بتوتر قليل
قصدي المهمة عندي تدريبات وآآ وشوية آآ
ثم رسم ابتسامة بلهاء على وجهه وغمز قائلا
ما تفكك يا باشا مني !
رد عليه محمد متفهما
ماشي يا سيادة الرائد لينا أعدة سوا
لوح له بكفه وهو يقول
أكيد سلام
عنفه والده قائلا بجدية مبالغة
التحية العسكرية يا ولد
انتصب مسعد في وقفته وصاح بثبات
تمام يا فندم !!
في المطار
هبطت الطائرة على المدرج المخصص بها واستعد الجميع للنزول منها
تملك سابين الحماسة لرؤية ذلك البلد الذي ولد فيه أبيها
و ارتسم على شفتيها إبتسامة مشجعة
شعرت بدفء الأجواء وهي تنزل على الدرج المعدني وتلفتت حولها محاولة إلقاء نظرة عامة على المكان المحيط بها
ولجت هي إلى القاعة الخاصة بإنهاء الإجراءات فوجدت الزحام بها شديدا ولمحت بعينيها لوحة معدنية تشير إلى المراحيض فغيرت وجهتها وسارت نحوها لتبدل ثيابها وترتدي ما يتناسب مع صورتها الموضوعة في جواز سفرها الأصلي
في نفس التوقيت صف مسعد سيارته أمام مدخل المطار ومسح بمنشفة ورقية ذلك العرق المتصبب على جبينه
نفخ بضيق وهو يحاول إرخاء رابطة عنقه قليلا وتمتم بإنزعاج
خنقة من أولها
تذكر أنه نسي مراجعة تلك الورقة المطوية التي أعطاها له الفريق ضياء لذا بحث سريعا عنها في جيوبه وتملكه الخۏف وهو يهمس
لأحسن تكون ضاعت ! دي هاتبقى کاړثة !
حبس أنفاسه وهو يبحث عنها بتوتر حتى وجدها بداخل حافظة نقوده فتنفس الصعداء
زفر بصوت مسموع وهو يحدث نفسه بعتاب
مش تفتكر حطتها فين ياخي بدل حړقة الډم دي ! ده أنا أعصابي باظت من أولها كده !
تنفس بعمق ليضبط إنفعالاته من جديد ثم حدق في الورقة بنظرات مطولة
فرك ذقنه بحركة ثابتة وأردف قائلا بحيرة
طب دي أستهجى اسمها إزاي
ظل يحاول قراءة الاسم عدة مرات لكنه كان يفشل في تهجئته لذا فكر للحظات في الإستعانة بشخص ما ليساعده على ترجمة اسمها ولكن خشي من افتضاح المهمة فطرأ بباله أخته الصغرى إيناس وتذكر مدى براعتها في اللغة الإنجليزية فتهللت أساريره وصاح بحماس
هي مافيش غيرها الأروبة الأوزعة هاتجيب أرار المكتوب هنا !
وبالفعل أخرج هاتفه المحمول من جيب سترته وهاتف أخته التي أجابته بحدة
عاوز ايه يا مسعد مش كنت عاوج وشك عليا !
رد عليها بنبرة دبلوماسية زائفة
ده انتي الحتة اللي في الشمال يا نوسة !
هتفت إيناس قائلة بعدم اقتناع
طالما قولت كده تبقى مزنوق في حاجة
حرك رأسه إيجابا وهو يرد عليها
ايوه ميزتك إنك فهماني !
سألته أخته بجدية
ها قول عاوز ايه !
أخذ نفسا عميقا وزفره مرة واحدة وهو يجيبها بهدوء
شوفي يا ستي أنا معايا كام كلمة مش عارف أترجمها فخدي ثواب في أخوكي وترجميهالي !
ردت عليها بنبرة عادية
ماشي اقراها !
هتف محتجا وهو يمرر