رواية للكاتبه رحاب إبراهيم
وجعله شاخص البصر في صمت....! طفلة صغيرة تستند على الجدران ويبدو من ذراعها الممدود للأمام لتستكشف أي عثرة لتتفاداها أنها ...كفيفة ! ظل يتأملها في دقة قلب غريبة..هل بسبب حالتها هذه أم لشيء يجهله! مضى إليها برشاقة حتى وقفت الطفلة ووضعت أصبعها في فمها بملامح عابسة ونظرات خوف عندما شعرت بخطوات تقترب. قال وجيه بصوت هادئ عادة لا يخرج بذلك الهدوء إلا مع المرضى _ بتعملي إيه هنا وجاية مع مين ! صدقت ظنونه عندما وجد الطفلة ترفع رأسها ذو الجديلة السوداء الطويلة على جسدها الصغير... وتنظر بعيدا بعض الشيء عن اتجاهه الصحيح...أجابت بصوت ضعيف به تهدج البكاء _ مع ماما ... انحنى لمستوى طولها القصير ..... ليسمع صوتها بشكل أوضح ولكن هزه شكل عينيها العسليتان المماثلة لعينان كعينان الريم... محفورتان بقلبه للأبد ...عميقة العينين بلونهما العسلي ذو البريق الأخاذ...تنهد بعمق ونفض تلك الخاطرة بالكاد... وقال بخشونة _ وفين مامتك ... ارتعشت ملامح الصغيرة وبكت عندما تذكرت ترك أمها لها ...قالت وهي تمسح عينيها بقبضتيها الصغيرتان _ سيبتها ...عشان سابتني ... رق قلب وجيه للصغيرة فقال بلطف _ تعالي معايا المكتب وقوليلي سابتك ليه...هبعت اجيبهالك.. اطرفت الصغيرة عينيها عدة مرات.... وكأنها تفكر بالعرض المطروح... فابتسم وجيه ابتسامة بسيطة لحيرتها الواضحة... ثم حملها بخفة حتى مكتبه... وبداخل مكتبه..... وضعها على المكتب الخشبي العريض من خشب الزان المنقوش بحرافية... ثم جر مقعده الجلدي وجلس أمامها قائلا باستفسار _ اسمك إيه الأول ... كانت الصغيرة لا تزال تضع أصبعها بفمها....رفعت أصابع قبضتها الأخرى ومررتها على وجهه برقة لاكتشاف منحنيات ملامحه مثلما اعتادت مع كل غريب تراه.... وتصر مع كل غريب أنه ذاك الغريب... البطل الخارق لحكايات قبل النوم التي سردتها لها والدتها مؤخرا....... ثم ابتسمت وكأنها تذكرت شيء !! تعجب وجيه من أمرها فكرر سؤاله... وعندما نطقت الطفلة أجابت بشيء غير متوقع _ الشاطر وجيه .... حملق وجيه عينيه في دهشة ! حتى اتسعت ابتسامتها بعينيها الدامعتان ...وأجابت على سؤاله أخيرا وهي تنظر بعيدا عن عينيه _ اسمي... ريميه.. انتفض وجيه من مقعده ووقف متيبس الحركة أمامها... ريميه..!! ذلك الاسم الغالي أيضا...الذي كان من المفترض أن يسمي به ابنته المستقبلية... اتفاق ساذج مع امرأة غدرت به وتركته يتلوى پألم الفراق وحده !....ريميه صفة وصف عينيها الخائڼة...ريمية العينان الممثلتان للعسل الصافي...اوقعان قلبه مع أول رمقة..! نطق أخيرا وشيء يعتصر قلبه من ذكرى ليلته التي تأبى مفارقته حتى بالصدف!....تساءل بحيرة _ عرفتي اسمي منين ! ... توترت ملامح الصغيرة من نبرته الحادة وقالت پخوف _ من الحدوته ... حدوته ! كرر الكلمة بعدم فهم...لا يستطع فهم ما يحدث ... وقف أمامها كالتمثال لا يستوعب شيء ...حتى كاد يتحدث ويستفسر منها عن بعض الأشياء التي شك بها..لتأتي فجأة امرأة الرداء الأسود .... مثلما رآها أول مرة... رمزها رمز الأسود التي تخضبه بقلب من يجترأ على الاقتراب....هي..نعم هي....!! راكضة.. صاړخة... باكية... بقلب ملتاع على أبنتها الصغيرة التي لم تتركها بمفردها ولو لدقيقة منذ ولادتها...هرولت إلى أبنتها دون أن تكتشف من هو الرجل الذي يواليها ظهره بجسده الضخم... هتفت باسم ابنتها...ضمتها ...معتذرة متأسفة باكية كل هذا أمام عينيه الذي ضج الرعد منهما وهو ينظر لها بنظرات ڼارية گ الجمر المتأجج بڼار ۏحشية.... القلب جانبا أم أنه سيد الموقف ! استقامت ليلى لتسأل
وجود أبنتها هنا .... اتسعت عينيها في ذعر عندما رأته ووقعت نظراتها عليه پصدمة.. عشر سنوات مرت أمام عينيها في لحظة واحدة! لو النظرات تخترق لكانت نظراته القاټلة اخترقت قلبها وماټت في الحال ... نظراته تتنقل على عينيها بشراسة وعاصفة آتية لا محال.... جف حلقها عن جميع الكلمات بينما قابل ذعرها منه ...بتحرك عصب فكيه بعصبيه مفرطة واضح أنه يكبتها... واسوداد عينيه بڼار ملتهبة بتلك الثورة من الڠضب. ارتعش فمها وجسدها بأكمله بقوة كأنها محمومة ! حتى اسودت الرؤية أمام عينيها وسقطت على الأرض في نوبة اغماء لحقت بها جراء الوهن الذي اصاب جسدها من فرط التوتر وقلة التغذية بالأسابيع الفائتة بسبب حاډث والدها. من المفترض أن تحمد ذلك الأغماء التي أنقذها من براثنه...كان ذلك المعتقد بأول أفكاره وهو ينظر لها في صمته الأسود ...وجحيمه الذي يفتح ذراعيه من جديد إليها...بعدما كان جنة مزهرة من الحب والأمان... لم تهتز عينيه المظلمة حتى لحالتها التي يرثى لها ! كان ذلك أقل الأشياء المنتظرة منه...طالما أتت من جديد.... داخل عرينه.....! ويلها..... يتبع........
...التحدي الجميل...
مزق البرق صفحة السماء الحالكة بالعتمة....ورعدت الغمائم گ أسود تتنازع ببعضها..والبعض الآخر يتناوش من بعيد مشجعا القتال فيما بينهما....! ومطر الليل يأتي بالدفء أحيانا ! ..خاصة بالقلوب التي يملأها الحنين دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل ..وذهب ليل كان مقداره عشرة أعوام بالنسبة