البارت ١٩_٢٠ من غياهب الاقدار بقلم نورهان العشري
.. فلم تره سوى بعد مرور ساعتين حين كانت تستقل الطائرة برفقة أمينة و مروان و سليم و جنة التي كانت حزينة من أجل ذلك الرجل الذي لا زالت تتذكر ملامحه منذ أن رأته وهي تغادر مع أسرتها و التي لا تشبه تلك الصورة المؤلمھ التي رأته بها آخر مرة حين ذهبت إلى مزرعته للعيش بها
شعرت بيد قوية تطوق كفها برفق فألتفتت لتجد سليم الذي خاطبها بلهجة خافته
كانت تعلم المغزى خلف كلماته ولكنها آثرت المراوغة
ف قالت مدعية عدم الفهم
تقصد ايه
كان يرى داخلها بوضوح و لكنه قرر مجاراتها حين قال بخشونة
الحصان اللي كنت عايزة تخرجي بيه الصبح ضعيف . مش قد كدا .. لو كنت قولتيلي كنت جبتلك حصان احسن . علي الأقل ابقي ضامن أنه ميوقعكيش..
اصل انت مكنتش فاضي . و محبتش اشغلك بحاجات تافهه..
اشغليني بعد كدا..
قالها آمرا فحاولت قمع إبتسامة أضاءت عينيها في تلك اللحظة فالتفتت تناظره بخجل تجلي في نبرتها حين قالت
افرض كان عندك شغل أو
كان تصريحا تاقت إلى سماعه بالرغم من يقينها من أنه لن يتأخر و لو ثانيه لتلبية ندائها ولكنها كانت تشتاق لسماع ذلك دون أن تخبره ذلك صراحة.
فلونت حمرة جميلة خديها الذي أشتهي تقبيلهم في تلك اللحظة ولكن ليس أمام الجميع هكذا ولهذا أراد مشاكستها قليلا حين قال بنبرة خافته بجانب اذنيها
التفتت تناظره پصدمه تجلت علي محياها بوضوح مما جعله يتراجع إلي الخلف يستند برأسه وهو يحاول قمع ضحكته بصعوبه حين اتاه صوتها المصډوم وهي تقول
يعني ايه دا
ضيق عينيه وهو يقول بنبرة متهكمة بينما عينيه ترسلان نظرات عابثه
يعني مثلا انا بحب كيك البرتقال اوى. وياسلام لو كان من ايديك الحلوة دي. يبقي كيك بالبرتقال والعسل . و تستغليني بقي . يعني معلومه كده . معلومة كدا. هقر علي طول..
عدي الجمايل بقى..
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
كانت عينيه تحمل العبث بينما أجابها بنبرة هادئة
احنا طايرين بقالنا ربع ساعه..
شهقة كادت أن تفلت من بين شفتيها حين وصل إلي عقلها المغزى وراء حديثه فهذا الماكر أخذ يتلاعب بالكلمات حتى يشغلها عن إقلاع الطائرة الذي تخشاه . فتعاظم الحنق بداخلها من مكره فهي تعلم بأنه كان مستمتعا ب ارباكها لذا قالت بجفاء
ياريت تنام احسن..
أطلق تنهيدة قوية من أعماقه وهو يقول بتحسر
هو طول مانت ورايا هشوف النوم
بأقدام مرتعشة دلفت إلى الغرفة التي كانت معبأة برائحة المۏت حتى أن جدرانها كانت باهتة تشبه بهوت معالمها التي لونها الذعر فهي بحياتها لم تر شخص فارق الحياة أبدا و كم كانت تخشى رؤية الچثث حتى في العروض السينمائية كانت تدير رأسها و لكن كما يقولون الحب يفعل المستحيل . فهي لم تستطيع البقاء في الغرفة و تركه في هذه اللحظات العصيبة. و بأمر من قلبها الذي كان له سلطه قويه علي سائر جسدها خطت الي الداخل وحين رأته يجلس منكث الرأس منحني الجزع تبدد كل شعور لديها و حل محله الألم علي رؤيته هكذا و انتحب قلبها تزامنا مع صوت بكائه المكتوم الذي شعرت به فامتدت يدها تلامس كتفه برقة تجلت في نبرتها حين قالت
ياسين .. شد حيلك ..
خيط من السکينة بدأ بالتسرب إلى قلبه رويدا رويدا حين سمع صوتها فقام بإرجاع رأسه للخلف فإذا به يتفاجئ بها سندا لوجعه الذي احتضنته ذراعيها و طوقته بكل ما أوتيت من حب تجلي في نبرتها حين قالت
انا عارفه انك ب تتعذب . الفراق صعب .. صعب اوي. بس افتكر انه دلوقتي مرتاح . مفيش ألم ولا ۏجع.
كلماتها هونت من وجعه قليلا فهي محقه فقد كان يتألم بحق و لا يوجد سبيل للراحة و كانت رؤيته هكذا تؤلم جميع من حوله الآن هو هادئ و ملامحه ساكنه لأول مرة منذ زمن طويل يرى هذا السلام باد على محياه و هذا ما جعل وجعه يسكن قليلا ولكن ألم الفراق قاټل ينخر العظام و يذيبها و خاصة حين يأتيك بغتة دون أن تكن مستعدا له
خرج صوته