الخميس 26 ديسمبر 2024

دواعي أمنيه مشدده الجزء الثاني بقلم منال سالم

انت في الصفحة 5 من 50 صفحات

موقع أيام نيوز


حبها مجرد فكرة هوجاء لا أساس لها من الصحة ..
وبرر لنفسها بأنها مراهقة صغيرة لا تفقه شيئا ولم تعرف عن حبه الخفي شيئا وبالتالي لن تتأثر بفكرة تخليه عنها كما أن حداثة سنها وربما تفكيرها المتهور يجعلها غير مهيئة لتكون شريكته المستقبلية ..
اختلق لنفسه العشرات والعشرات من اﻷعذار ليقنع نفسه برأيه النهائي وهو عدم صلاحية إيناس كزوجة مناسبة له لعدم توافقها مع طموحاته الحالية وتطلعاته في نصفه اﻷخر ناهيك عن إندفاعها الأعمى .. وتجاهل متعمدا أن يعرف أي شيء يخصها ليجبر نفسه على تخطي تلك المرحلة من حياته وحينما طالت المدة تحول اعتقاده إلى يقين ملزم وبدأ مهمة البحث عن شريكة حياته تتوافق مع رغباته وآماله ..

وبالفعل التقى بإحداهن فاستحوذت على تفكيره وشغلت عقله بطريقتها المبهرة وأسلوبها المنمق .. خاصة وأنها كانت ضمن فريق المترجمات المتواجد هناك ..
وهي ذات أصول غربية وتدعى ناتالي ..
كون معها صداقة طيبة ثم تحول اﻷمر بينهما إلى شيء أعمق و جدي وأعلن ارتباطه الرسمي بها .. 
ورغم اختلاف الطبائع والعادات والثقافات بينهما إلا أنهما وجدا سبيلا للتواصل والتوافق الفكري والعقلي .. وارتبطا في النهاية بما يشبه الخطبة ولكن غير رسمية ..
حصل الاثنين وبقية أعضاء المهمة على ترقيات بسبب جهود الجميع المبذولة بالخارج فور انتهائهم من مهامهم .. كل على حسب رتبته الأعلى .. فأصبح مسعد مقدما وباسل رائدا ..
أما عن أحوال سابين فلم يعرف أحد عنها أي شيء .. فقد تلاشى كل ما له صلة بها فأصبحت هي والعدم سواء .. حتى صورتها كادت أن تمحى من ذاكرة مسعد بسبب عدم رؤيتها فاعتمد فقط على مخيلته في استعادة صورتها كلما اشتاق إليها ..
في منزل مسعد غراب 
طرقت السيدة صفية على باب المرحاض بدقات عالية وهي تصيح بنبرة شبه منفعلة 
يالا يا نوسة بقالك ساعة جوا !
أتاها صوت ابنتها إيناس المتذمر من الداخل قائلة 
ساعة ايه بس ده أنا يدوب لسه داخلة !
ردت عليها والدتها بضيق 
انجزي في غيرك عايشين معاكي في البيت !
تمتمت إيناس بصوت عال 
ده احنا تلاتة بس !
هتفت والدتها بإمتعاض وهي تطرق الباب 
ياني عليكي ليمضة من يومك ! خلصي أوام
حاضر طالعة أهوو !!!
قالتها إيناس بإيجاز وهي تفتح باب المرحاض لتخرج منه وهي تجفف وجهها ثم ألقت بالمنشفة على كتفها لتبدو ملامحها الجديدة التي تغيرت ..
لقد كبرت إيناس حقا وتبدلت ملامحها الطفولية لأخرى أنثوية ..
وبدت عليها علامات النضج والحيوية وعنفوان الشباب ..
احتفظت هي بشعرها الغجري المجعد ولم تبدل مظهره مثلما فعلت قريناتها .. ولكنها اعتنت أكثر بمظهرها الخارجي وببشرتها فهو من متطلبات كليتها الحالية .. نعم فقد التحقت إيناس بكلية السياسة والعلوم الاقتصادية خاصة وأنها قد حازت على مجموع مرتفع في الثانوية 
بعد برهة كانت تعلق إيناس حقيبة يدها على كتفها ثم حركت رأسها للجانبين لتلين عنقها 
التفتت صفية برأسها في اتجاهها لترمقها بنظرات خاطفة وسريعة متأملة هندامها الكلاسيكي 
عندك محاضرات متأخر 
هزت إيناس رأسها نافية وهي تجيبها 
مش أوي بس هاخلصها وهارجع عشان عندي تسليم بحث بكرة !
أومأت والدتها برأسها بحركة خفيفة وهتفت بتضرع 
ماشي يا بنتي ربنا ينجحك ويكرمك !
توجهت بعدها إيناس إلى باب المنزل لتنطلق في طريقها إلى جامعة القاهرة ..
أكملت صفية باقي عملها في التقشير وهي تتذمر بضيق 
موال الأكل اللي مش بيخلص كل يوم لازم أطبخ 100 صنف عشان أعجب كل واحد مش بيعجبه أكل التاني !
تنهدت بإرهاق ثم تابعت بحزن 
والله ما كان مريحني إلا انت يا غالي .. دايما كنت تاكل اللي أعمله وتقولي تسلم ايدك يا ست الكل ..
سمعت هي قرع جرس الباب فتمتمت مع نفسها بإمتعاض 
وده مين اللي جاي السعادي 
قطبت جبينها وضاق ما بين حاجبيها وهي تحدث نفسها 
لأحسن تكون البت إيناس نسيت مفاتحها ماهي ماطيورة وعقلها مش فيها أوقات بتعمل حاجات غريبة وليها العجب !!!
نهضت بتثاقل عن الأريكة وأسندت صحن البطاطس على الطاولة الجانبية ثم تحركت في اتجاه باب منزلها ..
كان كل ما يدور في تفكير صفية هو مجيء ابنتها إيناس فقط فلم تتوقع على الإطلاق أن يكون الطارق هو ابنها العائد بعد غيبة مسعد ...
شهقت مصډومة حينما رأته أمامها بشحمه ولحمه واتسعت مقلتيها بإندهاش أعجب .. وترقرقت عبرات الفرحة فيهما ..
ثم هتفت بلا وعي 
ابني .. حبيبي !
ازيك يا ست الكل 
قالها مسعد وهو يفتح ذراعيه ليحتضن والدته بإشتياق كبير ..
ضمته والدته بكل عاطفة وحنو وتابعت بصوت شبه باكي 
اه يا حبيبي وحشتني أوي كل دي غيبة
رد عليها بغصة عالقة في حلقه 
ڠصب عني والله !
ثم انحنى ليقبل كفيها فأبعدتهما وضمته إلى صدرها مرة أخرى وهي تبكي بفرح 
حمدلله على سلامتك يا مسعد نورت بيتك يا غالي !
ابتسم لها وهو يكافح لمنع دموعه المشتاقة من الإنهمار وتساءل وهو يتلفت حوله 
أومال سيادة اللوا فيه ونوسة 
ردت عليه صفية بإستياء قليل 
أبوك زي تملي على القهوة مع شلة العواجيز بتوعه ! ليل نهار لازقين في بعض
تمام !
بينما أضافت هي قائلة بهدوء 
واختك نزلت كليتها من شوية ده أنا حتى فكرت إنها انت لما خبطت عليا !
ماشاء الله زي ما سبتكم بحطة ايدي من أربع سنين !
عاتبته والدته قائلة بحزن قليل 
يا حبيبي عدوا عليا كأنهم 100 سنة !
رد عليها بإحباط واضح في نبرته ونظراته وتعابير وجهه الباهتة 
أومال أنا أقول ايه بس يا ماما يالا الحمدلله على كل حال !!
ربتت صفية على ظهره وهتفت بحماس 
تعالى يا غالي خش أوضتك زي الفل وتمام وآآ...
قاطعها قائلا بجدية 
هادخل أريح شوية وأعمل كل اللي نفسك فيه بس أنزل أسلم على سيادة اللوا مايصحش بعد ده كله مايخدش التمام مني !
ردت عليه والدته بحماس 
ده هايفرح أوي لما يشوفك ! انزله يا بني !
أومأ برأسه وهو يتابع بنبرة مشتاقة 
ماشي يا ماما وجهزيلي الله يكرمك كل اللي عندك في التلاجة لأحسن أنا عايش على النابت بقالي زمن لما حاسس إني ربيت ديدان في معدتي !
مصمصت صفية شفتيها أسفا وهي ترد عليه 
يا عيني يا ضنايا ده أنا هاعملك المحمر والمشمر هاخليك تربرب
 

انت في الصفحة 5 من 50 صفحات